قولي لها يا نفس إلى متى؟
أما آن لك أن ترعوي؟ أما آن لك أن تنزجري؟ أما تخافين من الموت فهو يأتي بغتة؟ أما تخشين من المرض فالنفس تذهب فلتة؟ أختاه أخبريني! لو أن ملك الموت أتاك ليقبض روحك، أكان يسرك حالك وما أنت عليه؟! أختاه! كيف بك لو نزل بجسمك عاهة، فغيرت جمالك وبهجتك؟! أختاه! إن للموت سكرات، وللقبر ظلمات، وللنار زفرات، فاسألي نفسك ماذا أعددت لها؟!! أختاه! إنها الحقيقة لا مفر منها فإن الله يقول: (وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنْ الدُّنْيَا) [القصص:77]
فلماذا أصبح نصيبك أنت كله للدنيا؟! لماذا نسيت الآخرة؟!! لماذا نسيت الجنة وما فيها من نعيم وخضرة، وأنهار وقصور وجمال وخمر، وغناء وفيها مالا يخطر على القلب؟!! أخيتي الغالية! الهوى يقسي القلب، فكرري المحاولات، أكثري الاستغفار والتوبة، حاولي جاهدي واصبري ولا تيأسي ولا تستعجلي النتائج، فإن لهذه المحاولات المتكررة آثار ستجدينها ولو بعد حين. أخيتي الغالية! (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنْ الْحَقِّ) [الحديد:16]
قولي: بلى والله لقد آن، قولي: كفاني ذنوباً وعصيان، قوليها قبل فوات الأوان، فرغي قلبك من الشهوات وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً * يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً [النساء:27-28].
انتصري على نفسك الضعيفة، ولا تستجيبي لدعاة الرذيلة، واستعيذي بالله من الشيطان الرجيم ، ارجعي إلى قلبك، توبي إليه، انهضي فتوضئي وصلي ركعتين، ابكي على ذنوبك وتقصيرك في حق ربك، اسمعي للبشارة من الغفور الرحيم: إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [الفرقان:70] ما أعظمها من بشارة، كل الذنوب تبدل حسنات، فما الذي تنتظرين؟! فهيا أبدلي الانحراف بالاستقامة، والأغاني بالذكر والتسبيح، وسارعي لحلق القرآن، وانكسري بين يدي الله، وأظهري له الذل والخضوع وانثري له الدموع...
رددي وقولي:
يا إلهي يا إلهي جاء بي حر ذنوبي
جاء بي خوف مصيري
ساقني يا رب تأنيب ضميري
ألهبت قلبي سياط الخوف من يوم رهيب
كادتا عيناي أن تبيض من فرط نحيبي
آه يا مولاي ما أعظم حوبي
يا إلهي أنا سافرت مع الشيطان في كل الدروب
غير درب الحق ما سافرت فيه
كان إبليس معي في درب تيه
يجتبيني وأنا يا لغبائي أجتبيه
كان للشيطان من حولي جند خدعوني غرروا بي
وإذا فكرت في التوبة قالوا لا تتوبي
ربنا رب قلوبي
آه يا مولاي ما أعظم حوبي
غرني يا رب مالي وجمالي وفراغي وشبابي
زين الفجار لي حرق حجابي
يا لحمقي كيف قصرت ومزقت ثيابي؟!
أين عقلي حينما فتحت للموضة شباكي وبابي؟!
أنا ما فكرت في أخذ كتابي بيميني أو شمالي
أنا ما فكرت في كي جباه وجنوب
آه يا مولاي ما أعظم حوبي
يا إلهي أنا ما فكرت في يوم الحساب
حينما قدمني إبليس شاة للذئاب
يا لجهلي كيف أقدمت على قتل حيائي؟!
وأنا أمقت قتل الأبرياء
يا إلهي أنت من يعلم دائي ودوائي
يا إلهي اهد من سهل لي مشوار غيي
فلقد حيرني أمر وليي
أغبي ساذج أم متغابي
لم يكن يسأل عن سر غيابي
عن مجيئي وذهابي
لم يكن يعنيهما نوع حجابي
كان معنياً بتوفير طعامي وشرابي
يا إلهي جئت كي أعلن ذلي واعترافي
أنا ألغيت زوايا انحرافي
وتشبثت بطهري وعفافي
أنا لن أمشي بعد اليوم في درب الرذيلة
جرب الفجار كي يردونني كل وسيلة
دبروا لي ألف حيلة
فليعدوا لقتالي ما استطاعوا فأمانيهم بقتلي مستحيلة
يا إلهي يا مجيب الدعوات
يا مقيل العثرات
اعف عني فأنا عاهدت عهد المؤمنات
أن تراني بين تسبيح وصوم وصلاة
أيتها الفتاة! وبعد هذا كله كوني شجاعة واتخذي القرار ولا تترددي...